29‏/3‏/2008

هل مفهوم المطلق وجودي منعكس ام ذاتي مستنبط ؟

ان اكثر المقولات تجريدا واعترافا بموضوعيتها - هي كلية الوجود.
ورغم ان الفكر الفلسفي المثالي يذهب بعيدا بالاعتقاد بان القوانين المنطقيه والافكار العقليه الاستنباطيه تحظى بوجود موضوعي سابق على المادة بتعريفها الفلسفي الا ان الفكر الديني بتصديقه للغيبيات واعتبارها نوع من الحقيقه - ورغم تفرعه عن الفلسفه المثاليه - فانه يذهب بعيدا لاعتبارالحدس الايماني شيء له صفة الموضوعيه والوجود الفعلي وفي بعض الاحيان يحاول التملص من تناقضه في هذه الدائره الكليه عن طريق اعتبار الوجود صفه لماهيه وليس ككينونة موضوعيه .وعلى شجرة المثاليه بالضبط يتم الالتقاء الفكري في الاصل بين بعض اللادينيين الذين يؤمنون باسبقيه غير ماديه على المادة وبين بعض اصحاب الفكر الديني الذين تكون لهم منطلقات موضوعيه .اما الاغلبيه من اصحاب التفكير الديني فانهم يرتكزون على المثاليه الذاتيه التي تعطي مفهوم الاسبقيه غير الماديه على الوجود تصورات ذاتيه محضه هي في الاساس انعكاس لصفات انسانيه بعد تضخيمها واعطاءها صفة المطلق .والتفكير الانساني(برايهم) هو الوسيله الوحيده للوعي . وحتى يستطيع هذا الفكر من تمييز موضوعه يكون مضطرا لتحديد الاخر بتناقضات الكينونه اوالصيروره. وهكذا يصبح الاخر قابلا للوعي عندما يتم وضع تمثله المنطقي بين الحدين. وحتى يستطيع الفكر المثالي من التوصل الى مبتغاه الاستنباطي يكون مضطرا لاكساب النقائض(المتضادات) صفة الكينونه الموضوعيه في دائرة الكليات الاساسيه .لهذا الغرض تكون كلية العدم في التفكير المثالي استنباط منطقي يحاول ان يصبغ عليه صفة الموضوعيه كمقدمه لتوحيد الوجود والعدم في كليه الكليات او المطلق - الازلي - الله .ومن وجهة نظر الماديه واحدث ممثليها - الشق الالحادي من الوجوديه - فان العدم ليس الا مفهوم استنباطي يلجا اليه التفكير من اجل التمايز وهو بهذا الشكل لا يمثل اي كينونه موضوعيه فعليه وتوحيد العدم مع الوجود في الكلي - المطلق ليس الا استنباط تحليلي فارغ يحتوي على النتائج في المقدمات ,وحجة الماديه ومنها الوجوديه ( الالحاديه) هو ان المقولات المثاليه والكينونات غير الماديه - كقواعد المنطق مثلا- لا بد لها من حامل مادي , بالتعريف الفلسفي وهي لا تستطيع - اي المفاهيم المعنويه - من الوجود في فراغ معلق مثل (الشيء في ذاته) لانها في مثل هذه الحاله تخرج عن دائرة تمايز الوعي وتصبح نوعا من الحدس او الاعتقاد او الايمان غير المبرر من وجهة نظر منطقيه .
في بعض الاحيان يحاول فلاسفة الدين من استخدام النتائج الفلسفيه للاكتشافات العلميه لتجييرها لصالح دعواهم مرتكزين على امرين
1- مبدا السببيه او ( العليه).
2- مبدا الغائيه .
والسببيه هي مبدا عقلي منعكس عن واقع تفاعلي بين كينونات جزئيه متداخله بسسب الحركه التي هي صفه اساسيه للماده والتفاعل يكون سببا في اعادة التشكيل لهذه الكينونات الجزئيه - اي ان السببيه تقتضي وجود الانفصال والترابط العلائقي ( اي في علاقه)وبنفس الطريقه يمكن التوصل الى ان التغير في الكينونات عن طريق التفاعل الذي يحدث بواسطة الحركه سوف يؤدي الى تغير التنوع الذي هو اساسا تعبير عن الجزئيه .ولذلك فان محاولة العقل لنقل المبدا العقلي للسببيه او الغائيه من دائرة الجزئي الى دائره الكلي (ألوجود في الماديه) هو محاوله للعقل لتخطي حد التمايز والقفز وراءه بشكل غير منطقي.
وحتى اعطي مثل تقريبي عن محاولة فعل ذلك في الرياضيات, فان عملية الجمع البسيطه بين الاعداد تظل صالحه ومعتبره وصادقه مادامت الاعداد بين الصفر وال مالانهايه ,اما ان تقول بان حاصل جمع ال مالانهايه و عدد اخر وليكن 5 هو مقدار جديد معين يساوي مالانهايه زائد 5 فليس هذا الا كلاما سفسطائيا غير معرفا- لان المالانهايه حد ال لا تحدد المعرفي ,هذا من جهه ومن جهة اخرى فان استخدام مبدا السببيه يتناقض مع مبدا الغائيه اذا ما حشرا في كينونه كليه مصمته(متوحده)فالغائيه ليست الا سبب جاذب اما السببيه فهي سبب طارد حتى ان البعض يستغني عن الغائيه والسببيه معا بالعليه حيث تكون العله شرطا للمعلول قد يكون سابقا وقد يكون لاحقا.
والان - مره اخرى الى السببيه او ( العليه) كما اسلفت فان التفاعل يعني الحركه والتداخل .فهل هناك تفاعل ( تداخل ) بين الاله و الوجود ؟ان كان كذلك فان صفه الاله الكلي تتحول الى النقيض - لان الاله يكون في مثل هذه الحاله منظومه جزئيه متخارجه مع الوجود وفي نفس الوقت متفاعله معه وتربطهما ( اي الوجود والاله ) الحركه !فهل يجوز ذلك بالاستنباط المنطقي .... لا اعتقد ذلك !وفي هذا السياق نكون في موقف جبري للتفكير في صفة الوجود الاساسيه .... وهل هو نظام مفتوح ام نظام مغلق؟
كل المفاهيم المنطقيه تعبرعن قضايا تتحدد بمقدرة العقل البشري على التمييز في حدود التناقض باستثناء قضايا كليه معدوده مازالت مطروحه امام الفكر البشري ولم يحظى الجواب عليها بصفة اليقين .ففي الجزئيات ( الانسان مثلا) تكون الانظمه كلها مفتوحه اي انها تؤثر وتتاثر بغيرها عن طريق العلاقات الرابطه لها في الوسط وهذه الانظمه على نوعين - فاما ان تكون متزنه كما هو الحال في الحياه او غير متزنه كما هو الحال في النظام المفتوح عند لحظة التغير ( مثال ذلك الحياه عند الوفاه او السحاب عندما يبدا هطول المطر وما شابه ذلك)اي ان هذه الانظمه واثناء وجودها تتفاعل مع مؤثرات خارجيه تحاول ان تغير من مضمون نظامها وعند محاولة تطبيق مثل هذا الوصف للنظام المفتوح على الوجود نكون مضطرين لالغاء الوجود بكيفيته الموضوعيهبسبب افتراض وجود المؤثر الخارجي المعلق في الفراغ , وحتى مع عدم وجود منطقيه في كينونة المؤثر الخارجي , فان التاثير في النظام المفتوح يدل على علاقه توسطيه بين المؤثر والمتاثر كما هو الحال في الانظمه ذات الوجود الجزئي - مثل الانسان-فهل يقوم التفكير الديني دائما بعملية التشابه بين الانا الجزئيه والذات المثاليه الكليه. هل وكاننا نبحث عن اسقاطية تشابه المثلثات كما في الهندسه الاقليديه ؟لا اعتقد باننا يمكن ان نطرح تجريد مادي اعلى مرتبه من الوجود - اي ان النظام عند هذا التجريد المادي لا بد له من ان يكون نظاما مغلقا- ولوكان غير ذلك, لاصبح وجوده جزء من وجود اخر .....!اما اذا اردنا ان نطبق النظام المفتوح على الوجود الحقيقي الموضوعي وفي نفس الوقت على الوجودالحقيقي الذاتي للمثل (الاله) فسوف نناقض انفسنا مرة اخرى بافتراض العلاقه مع اخر غيرهما.
الانفجار الكبير
يذهب اصحاب التفكير الديني الى القول بان الكون حادث, انطلاقا من نظرية الانفجار الكبير ومعنى (حادث) ليس الا تعبيرا مشوها للتغير في النظام ثم يقفزون الى استنتاج منطقي حول الحدوث اي( التغير) وينسبوه الى مصدر خارجي !ونحن نعرف تماما انه في المستوى الكلي للتجريد فان الحركه مصاحبه للكينونه اي ان التغير هو الاصل وليس السكون النسبي الذي يمكن تصوره في العقل في حالة عزل الجزئي عن روابطه التخارجيه وتناسي ترابطه الداخلي .وهناك الكثير من الامثله المنظوره في هذا المجال ,فالنجوم مثلا تكون محتوياتها في تغير دائم نتيجة التفاعلات المستمره الامر الذي يؤدي بالنجم الى الانفجار كسوبر نوفا ( عملاق احمر) او الانكماش الى نجم نيتروني قابل للتحول الى ثقب اسود ,فهل هناك مؤثر خارجي يسبب انفجار النجم او انكماشه ؟
اما عن الكون فان حالة ( السنغولارنست) لم تكن الا نوع من النظام المتجانس فكيف نستطيع ان نعمم مفهوم الانتروبي عليه ككليه تجريديه اي كوجود موضوعي حقيقي ؟
الانتروبي هي وصف لحالة نظام يسير نحوالتحلل تدريجيا ( او دفعه واحده في لحظات الانقلاب) ليصل الى حالة التجانس ,فهل كان هناك نظام ( اي تمايز كبير في حالة ال سنغولارنست للكون) ؟لا لم يكن كذلك فبعد النفجار الكبير وهذا ما نستطيع ان نتعرف عليه بواسطة العلم , لم يكن هناك الا الطاقه ,,,, اي ان الانتروبي لم تزدد بالمقياس الكوني الا اذا اعتبرنا الكون واحد من مجموعة اكوان شذ فيها كوننا عن الحاله السائدة لما قبل الانفجار الكبير وهو بذلك يكون نظاما مفتوحا في وجود ذو نظام مغلق هو الوجود وعليه يكون الانفجار هو تفاعل ناتج عن الحركه في نظام مفتوح يكون جزء من نظام مغلق هو الوجود ولا مكان للمؤثر الخارجي الا في الذات المفكره التي اخترعته ,وحتى النظر الى الكون الحالي كنتيجه للانفجار الكبير فلن يكون الا كحصيله لتفاعل الكينونه الوجوديه الجزئيه للنظام المفتوح مع الخواء . والنتيجه تحول نظامين مفتوحين الى ثلاثه (3) احدهما كوننا الحالي كحاله انتقاليه - اي ان الانتروبي في النظام الكلي ليس لها من تحقق بسبب الزياده في التعقيد --- الانتقال الى 3 انظمه بدل 2 .
يرتكز الفكر الديني على مقولة ان الكون نظام مغلق تغير ويتغير بواسطة مؤثر خارجي هو الاله ! اليس ذلك دليلا على الاغراق في الذاتيه التي تميز الفكر الديني باسقاط ال ( انا ) الذاتيه على مفهوم الاله الاستنباطي !
لماذا يفترض الفكر الديني ان حالة الكون في ال (آن) الحاضره هو الحاله المثلى
الافتراضيه "؟
الايدل ذلك على سيطرة الشعور الذاتي على كل مقياس موضوعي ؟
وهذا الفكر ينطلق في استنباطه العقلي في الحكم على الكون من وجود شروط طبيعيه على الارض في لحظه حاضره واعتبارهذه الشروط هي المثلى, وان القياس يجب ان ينسب اليها - اليست تلك ذاتيه محضه؟
هل تزايد الانتروبي في الوجود هو مقياس ذاتي ام موضوعي ؟لنفرض اننا بدانا بلحظه بعد مرور عدة ثواني على الانفجار الكبير هل حالة الكون عندئذ كانت ذات انتروبي اقل ام اكثر؟عندها لم يكن الانسان موجودا كنظام , بل كنظام ذو تركيبه اعلى عاقله , ومع ذلك فالفكر الديني يقول بان الانتروبي الان تزيد كثيرا عن تلك الحاله في الوقت الذي يحتج فيه بالغائيه على وجود الذات العليا المؤثره في الكون والتي بلورت زيادة في الترتيب !الا تريدوا معي ان تروا مقدار الذاتيه في الموضوع ! لقد كان الكون في تلك الحاله في بدايه عهده بتشكل الماده - ليس بمعناها الفلسفي وانما بوصفها الفيزيائي وعندها لم تكن الا البدايه لتحول الطاقه الى اولى الجزئيات الاوليه بعد زياده اطوال الموجات ونقصان الامبلتودا الخاصه بها - اي باختصار حدث ويحدث تحول بالشكل للكينونات الوجوديه .وفي فتره لاحقه استطعنا ان ندرك ان التحول في اشكال الماده ( بالمفهوم الفلسفي) قد ادى الى انبثاق كينونات وانظمه هي نفسها متغيره بفعل الحركه .ففي كل يوم نشهد ولادات جديدة للنجوم واضمحلال لها بعد عمر معين حيث يموت النجم اما بالانفجار كعملاق احمر او بالانكماش الى نجم نيتروني قابل للتحول الى قزم ابيض وفي النهايه يمكن الى ثقب اسود.ومع ذلك فان العمليه التركيبيه التي تتمثل في زيادة التعقيد تخترق الحاجز الذي يمكن ان يقف امام الحركه في هذا الكون - الوجود.
لاحظ معي ان تعقد المادة الفيزيائي ادى الى تشكل العناصر الكيميائيه التي اخذ تركيبها التعقيدي بالتثاقل مما ادى بالحركه الى القيام باختراق تركيبي اكثر تعقيدا وذلك بالتحول الى التركيب الجزيئي ,وفي مراحل لاحقه الى انبثاق الحياه ! فعندما اصبح الاستمرار في زيادة التعقيد على المستوى النووي متعذرا - انبثق التركيب الجزيئي- والتركيب الجزيئي كان البدايه لما وصلت اليه الماده الفيزيائيه من تعقد وصل الى مستوى الفكر في الانسان العاقل, ولكن ذلك لم يكن نهاية المطاف, فلا بد للحركه من تحول المنظومة مما يؤدي الى انبثاق في النظام اكثر تعقيدا عندما تصبح الزيادة في تعقيد التركيب في الحياة المفكره امرا متعذرا.
متى سيحدث ذلك؟
لا احد يستطيع ان يحدد الزمن .ولكن القانون الحركي سوف يفعل فعله في المستقبل - وقد يكون قريبا - عدة مليونات من السنين ان لم يكن اقل !لذلك فمن وجهة نظر ذاتيه قد نتفق على مقياس الانتروبي لانها مرتبطه بالانسان والنظام الجزئي - اما بشكل موضوعي بعيدا عن ذاتيتنا فلا نستطيع القول الا بان النظام العاقل المستقبلي هو تركيبه اكثر تعقيدا منا واعلى مرتبه من تجريداتنا وهو بذلك يمثل انتروبي اكثر من حالتنا الحاضره بوصفنا سوف نتراجعز هذا اذا لم ننتهي كنظام بيولوجي عاقل بمستوانا الحالي.
بعد هذا الموجز - هل تستطيع ان نقول عن اي حاله بانها تفضيليه من وجهة نظر موضوعيه؟ لا استطيع ان اؤكد ذلك الا من وجهة نظر ذاتيه محضه ! فهل الحركه التي ينتج عنها تغير الانظمه هي من الداخل ام من الخارج بالنسبه لهذا الوجود - ولا اقول الكون , لان هناك امكانيه معتبره بوجود اكوان متعددة ! بهذا الوصف ارى ان الوجود نظام مغلق في الوقت الذي يمكن للكون فيه ان يكون نظام مفتوح وهذا ليس تلاعبا بالالفاظ بقدر ما هو استنتاج اولي حول وجود اكوان متعدده .
استدراك

- القضيه الرئيسيه في النقاش هي تناول الفكره المركزيه حول طبيعة الكلية التجريديه الاعلى مرتبه في الفكر - الا وهي الوجود . ومع ما يصاحب هذا الطرح من ايمان الفكر الديني (*) بان العله الاولى هي فكره محضه عاقله وهي متخارجه عن الوجود ولها اسبقيه منطقيه عليه - لان النقاش حول هذا الموضوع هو المفتاح الاساسي لما غيره من مواضيع.
والان الى الموضوع
ينطلق الفكر الديني من مسلمه اساسيه تقول بان العالم حادث ويتابع استنباطه التحليلي ليقول بان لكل حادث محدث ( ارتكازا على مبدا السببيه ) وعليه يكون العالم برأي - الحدس الديني -محتاج الى مسبب يطلق عليه مفهوم الاله (الله)ثم يتابع الفكر الديني استنباطه العقلي بالقياس على الذات المفكره الانسانيه ليقول بان الاله عله عاقله لها هدف محدد يمكن استجلاءه بملاحظه الترتيب او التنظيم في العالم - وهو اختصارا ما يمكن ان نطلق عليه مبدا الغائيهكيف يتوصل مثل هذا العقل الديني لهذه النتيجه ؟ نحن نعلم ان الوعي الانساني يقترن بتمييز الذات عن الموضوع فقبل هذا التمايز لا يوجد وعي لانه لا يوجد تفكير اصلا وكل ما هنالك ليس الا انعكاسات شرطيه غريزيه تنبع من الطبيعه الحيويه للكائن الحي غير المفكروعندما يبدا التمايز بين الذات والموضوع تبدا الانعكاسات الصوريه بالتوارد الى الذهن حيث يصبح الاخر تعبيرا عن كينونه خارجيه لها مفهوم في الوعي كصوره لهذا الاخر - والصوره هذه بطبيعتها متحركه تسعى الى الكمال والكليه لانها تعكس اخر متغير لا متحدد . يحاول التفكير من بناء مفهوم متكامل له عن طريق الاستنباط العقلي بواسطة التحليل والتركيبغير ان التحليل يقوم بتفصيل المكونات المنعكسه الى اجزاء قد يخطيء عند تركيبها مره اخرى بقصد التجريد للوصول الى تعميمات وتجريدات فكريه تساعد هذا العقل للقيام بعملية الاستقراء , التي تكون نوعا من التنبؤ لزيادة المعرفه وتوسيع دائرة الوعي لتشمل افاق لا تستطيع التجربه من اختبارهاومن المهم ان هذه العمليه تحتوي على مفاصل غايه في الاهميه وتحتاج الى تقييم مستمر من العقل نفسه على ضوء القواعد المنطقيه المتحصله لان النتائج التي يمكن ان تتمخض عنها تكون في غاية الاهميه لما يترتب عليها من نتائج مصيريه لهذا العقل الذي يعتمدهاوالان هل كل الاستنباطات العقليه يمكن ان يكون لها كينونه وجوديه موضوعيه وفعليه ؟للاجابه على هذاالاستفسار وتقصي الصدق في الاستنتاج , لا بد لنا من مناقشة بعض المفاهيم الاساسيه ولنبدا بكلمة حادث لنري انها شكل مشوه مقصود للتغير الذي يصاحب الصيروره . فعند الرجوع الى اعم الكليات المنطقيه تجريدا نجد ان الوجود وليس العالم او الكون هو المفهوم المنطقي الذي يكتسب اعلى مرتبه من التجريد الموضوعي , الحقيقي , والفعلي او المتحقق . والماده (بتعريفها الفلسفي ) هي جوهر الوجود اما الحركه فهي الخاصيه الملازمه لها وحتى لا يتبادر الى ذهن البعض اي خلط حول مفهوم الماده , ارى لزاما على توضيح تعريف الماده بمفهومها الفلسفي بانها كلية تجريديه لها وجود موضوعي يمكن ان ينعكس الى الذات العارفه - ومن امثلتها الماده الفيزيائيه والطاقه والمجالات والعلاقات الترابطيه بين مكوناتها .....الخوالان .. هل كلمة حادث يمكن ان تنطبق على كلية الوجود ام انها صفه للتغير الذي يطرا على الماده بواسطة الحركه الذاتيه !ما اراه هو ان التفكير الديني ( ومنه الاسلام طبعا) يقوم بملاحظة التغير في اجزاء الوجود نتيجة التفاعل المستمرلمكوناته الجزئيه ثم يقوم بمغالطه منطقيه واضحه عن طريق اعادة صياغه لفظيه لمفهوم التغير الناتج عن الحركه ليعطيه وصف الحدوث . ثم يحلق بعيدا في ذاته لينقل المفهوم من دائرة الجزئي المعتاد للملاحظ البسيط الى دائرة الكلي المتعقل بواسطة التجريد وتغيير الالفاظ لا يقتصر على المغالطه الفكريه هذه وانما يتضمن مسكوت عنه - محدث بكسر الدال . وعندما يريد ان يعرفه يقول بانه واجب الوجودنعم يفطن مثل هذا الفكرالديني وينتبه الى تناقض استنتاجه - بواجب الوجود - اي ان هذا الواجد او المحدث على حد تعبير الدين غير موجود بالفعل وليس متحقق وانما واجب اي ممكن !ولكن ما هي الطريقه او الاسلوب الذي يجعل هذا الفكر ينزلق الى مثل هذه النتيجه ؟في مطالعات لي مختلفه لبعض المقالات لاصحاب الفكر الديني وجدت ان المبرر الاولي يتلخص في استخدام مبدا السببيه !اما المبرر الثاني فهم اللجوء الى ما يسمى بالغائيه ولنحاول ان نلقي الضوء على هذين المبدأين في الحياه العاديه كثيرا ما يلاحظ المرء تغير الكينونات وانتقالها من حال الى حال . وهذا التغير يكون ناتجا عن علاقة ترابطيه بين مكونات جزئيه تؤثر في بعضها البعضوحتى نصف التغير يقوم الفكر باحتواء العلاقات بين الشيء والاخر وتاثيرها المتبادل ليستنتج ان كينونه حاليه ناشئه عن اخرى سابقه وسوف تتبعها كينونه ممكنه , والتغير هذا نحيله الى مبدا عقلي صحيح هو السببيه كما يمكن وصف الامكانيه غير المتحققه بانها غايه سوف تؤول اليها الكينونه الحاليهوعندها نلاحظ اهميه التخارج بين الكينونات الجزئيه حتى نستطيع تطبيق السببيه عليها والفكر الديني يقوم بتطبيق هذا المبدا ( السببيه) الذي ينطبق على الجزء على كلية الوجود - ليتضمن ذلك بشكل مسكوت عنه علاقة التاثير المتبادله بين الاجزاء وكانه دون ان يصرح بذلك - يريد القول بان الوجود جزء والاله ( الله) هو الجزء الاخر وهناك علاقه تاثير متبادله على الاقل من طرف واحد تجاه الوجود - بل يلجا بشكل سافر في بعض الاحيان الى القول بان العدم - هو كلية منطقيه منعكسه عن وجود موضوعي متحقق بجانب الوجودوالدليل على ذلك انه يلجا الى صياغه لفظيه منتقاه في بعض الاحيان مثل .......( كيف اوجد الكون ذاته من عدم ؟ )الا تلاحظوا معي بان السؤال يحتوي على المغالطات التاليه- افتراض الحدث والسؤال عن الكيفيه- يتكلم عن الكون وهو وجود فيزيائي ويستبدله بكلية الوجود المنطقيه ثم يستعمل فعل (اوجد)- ثم يقرر ان هناك عدم ليس بالمفهوم المنطقي ولكن ككيان فيزيائي نتيجة مصاحبته لمفهوم الكونهذه بعض من المغالطات الفكريه التي يقوم الفكر الديني باستنباطها كما يقوم الانسان باستنباط حورية الماء او الجان او الملائكه اوغيرها من الكينونات العقليه التي تحتاج الى تقييم ليس هذا فحسب بل ان مثل هذا التفكير يبتعد شططا ليقول ان التراكيب الفكريه التي تبدو في الحلم ليست الا صور حقيقيه واقعيه فعليه وهي جزء من علاقة الفرد بالكلي المطلق الازلي او اللههل نستطيع ان نستحضر بعض الامثله على التغير بما لا يفيد التخارج حتى في الجزئي .؟نعم .... فعند البحث في العناصر النشطه اشعاعيا , نجد ان هذه العناصر تقوم باطلاق اشعة الفا او بيتا او جاما بعضها او كلها حسب العنصر المنظور فهل هناك مؤثر خارجي على تلك العناصر للقيام بهذا النشاط ام ان ذلك من طبيعتها ؟واذا ما نظرنا الى النجوم فسوف نلاحظ التغير الذاتي الذي يؤدي الى تحول النجم الى قزم ابيض او انفجاره كعملاق احمرفاذا كان هذا التغير- وامثلته كثيره - يحدث في الجزئي فكيف لنا ان ننقلب على كلية الوجود ونفترض سبب التغير الداخلي في مكوناتها وجود فاعل متخارج عليها , وله صفة الوعي . بل له اسبقيه منطقيه قد تكون فعليه عند البعض !وعودة الى الغائيه المتوضعه مع السببيه في كينونه متوحده حيث نجد ان الغايه هي سبب جاذب متقدم على الحدث في الوقت الذي يكون فيه السبب طارد وسابق على الحدث اي ان السبب والغايه ليسا الا تعبير عن مفهوم واحد اطلق عليه مفهوم العليه وهو مرتبط بالامور الجزئيه التي تقع ضمن كلية الزمان المنطقيه , وهذا يعني ان الاله في المفهوم الديني هو السبب والغايه لهذا الوجود اي بمعنى انه سابق كسبب ولاحق كغايه فهل هذا ممكن ؟اما القيام بسحب مفهوم العليه على الوجود فلن يكون الا واحد من اثنين1- اما ان يصبح الوجود مقزما ليدخل في دائرة الزمان2- او ان يتضخم مفهوم الزمان ليحتوي الوجود في داخلهولكن الادهى والامر من ذلك هو تخارج كلية الكليات المنطقيه او الاله( الله) وتبادله التاثير مع الوجود ولو باتجاه واحد اما عن التنظيم والترتيب فاستطيع ان اقول بان الماده تتفاعل بين مكوناتها بفعل الحركه الملازمه لها ونتيجة التفاعل يؤدي الى زيادة في التنوع تكون نتيجته انحلال في كينونه وزيادة في التعقيد في كينونه اخرى لكن التجانس لن يحدث بالمقياس الوجودي لان ذلك يعني احاطة الماده الفيزيائيه بالوجود وهذا غير ممكن منطقيا بان يحتوي الجزء على الكل بمقياس حجمي.


ليست هناك تعليقات: