29‏/3‏/2008

الاسقاط الذاتي على الوجود الفعلي

بعد التحيه والسلاميتفق الجميع من مختلف المدارس الفلسفيه على ان اكثر المقولات تجريدا واعترافا بموضوعية وجودها الا وهي كلية الوجود.ورغم ان الفكر الفلسفي المثالي يذهب بعيدا بالاعتقاد بان القوانين المنطقيه والافكار العقليه الاستنباطيه تحظى بوجود موضوعي سابق على المادة بتعريفها الفلسفي الا ان الفكر الديني بتصديقه للغيبيات واعتبارها نوع من الحقيقه - ورغم تفرعه عن الفلسفه المثاليه - فانه يذهب بعيدا لاعتبارالحدس الايماني شيء له صفة الموضوعيه والوجود الفعليوفي بعض الاحيان يحاول التملص من تناقضه في هذه الدائره الكليه عن طريق اعتبار الوجود صفه لماهيه وليس ككينونة موضوعيهوعلى شجرة المثاليه بالضبط يتم الالتقاء الفكري في الاصل بين بعض اللادينيين الذين يؤمنون باسبقيه غير ماديه على المادة وبين بعض اصحاب الفكر الديني الذين تكون لهم منطلقات موضوعيهاما الاغلبيه من اصحاب التفكير الديني فانهم يرتكزون على المثاليه الذاتيه التي تعطي مفهوم الاسبقيه غير الماديه على الوجود تصورات ذاتيه محضه هي في الاساس انعكاس لصفات انسانيه بعد تضخيمها واعطاءها صفة المطلقوالتفكير الانساني هو الوسيله الوحيده للوعي . وحتى يستطيع هذا الفكر من تمييز موضوعه يكون مضطرا لتحديد الاخر بتناقضات الكينونه اوالصيروره وهكذا يصبح الاخر قابلا للوعي عندما يتم وضع تمثله المنطقي بين الحدينوحتى يستطيع الفكر المثالي من التوصل الى مبتغاه الاستنباطي يكون مضطرا لاكساب النقائض(المتضادات) صفة الكينونه الموضوعيه في دائرة الكليات الاساسيهلهذا الغرض تكون كلية العدم في التفكير المثالي استنباط منطقي يحاول ان يصبغ عليه صفة الموضوعيه كمقدمه لتوحيد الوجود والعدم في كليه الكليات او المطلق - الازلي - اللهومن وجهة نظر الماديه واحدث ممثليها - الشق الالحادي من الوجوديه - فان العدم ليس الا مفهوم استنباطي يلجا اليه التفكير من اجل التمايز وهو بهذا الشكل لا يمثل اي كينونه موضوعيه فعليه وتوحيد العدم مع الوجود في الكلي - المطلق ليس الا استنباط تحليلي فارغ يحتوي على النتائج في المقدماتوحجة الماديه ومنها الوجوديه ( الالحاديه) هو ان المقولات المثاليه والكينونات غير الماديه - كقواعد المنطق مثلا- لا بد لها من حامل مادي , بالتعريف الفلسفي وهي لا تستطيع - اي المفاهيم المعنويه - من الوجود في فراغ معلق مثل (الشيء في ذاته) لانها في مثل هذه الحاله تخرج عن دائرة تمايز الوعي وتصبح نوعا من الحدس او الاعتقاد او الايمان غير المبرر من وجهة نظر منطقيهفي بعض الاحيان يحاول فلاسفة الدين من استخدام النتائج الفلسفيه للاكتشافات العلميه لتجييرها لصالح دعواهم مرتكزين على امرين1- مبدا السببيه او ( العليه)2- مبدا الغائيهوالسببيه هي مبدا عقلي منعكس عن واقع تفاعلي بين كينونات جزئيه متداخله بسسب الحركه التي هي صفه اساسيه للماده والتفاعل يكون سببا في اعادة التشكيل لهذه الكينونات الجزئيه - اي ان السببيه تقتضي وجود الانفصال والترابط العلائقي ( اي في علاقه)وبنفس الطريقه يمكن التوصل الى ان التغير في الكينونات عن طريق التفاعل الذي يحدث بواسطة الحركه سوف يؤدي الى تغير التنوع الذي هو اساسا تعبير عن الجزئيهولذلك فان محاولة العقل لنقل المبدا العقلي للسببيه او الغائيه من دائرة الجزئي الى دائره الكلي (ألوجود في الماديه) هو محاوله للعقل لتخطي حد التمايز والقفز وراءه بشكل غير منطقيولاعطي مثل تقريبي عن محاولة فعل ذلك في الرياضيات فان عملية الجمع البسيطه بين الاعداد تظل صالحه ومعتبره وصادقه مادامت الاعداد بين الصفر وال مالانهايهاما ان تقول بان حاصل جمع ال مالانهايه و عدد اخر وليكن 5 هو مقدار جديد معين يساوي مالانهايه زائد 5 فليس الا كلاما سفسطائي غير معرف لان المالانهايه حد ال لا تحدد المعرفيهذا من جهه ومن جهة اخرى فان استخدام مبدا السببيه يتناقض نفسه مع مبدا الغائيه اذا ما حشرا في كينونه كليه مصمته(متوحده)فالغائيه ليست الا سبب جاذب اما السببيه فهي سبب طارد حتى ان البعض يستغني عن الغائيه والسببيه معا بالعليه حيث تكون العله شرطا للمعلول قد يكون سابقا وقد يكون لاحقاوالان - مره اخرى الى السببيه او ( العليه) كما اسلفت فان التفاعل يعني الحركه والتداخلفهل هناك تفاعل ( تداخل ) بين الاله و الوجود ؟ان كان كذلك فان صفه الاله الكلي تتحول الى النقيض - لان الاله يكون في مثل هذه الحاله منظومه جزئيه متخارجه مع الوجود وفي نفس الوقت متفاعله معه وتربطهما ( اي الوجود والاله ) الحركه !فهل يجوز ذلك بالاستنباط المنطقي .... لا اعتقد ذلك !في هذا السياق نحن مجبورون على التفكير في صفة الوجود الاساسيه .... وهل هو نظام مفتوح ام نظام مغلق؟كل المفاهيم المنطقيه تعبرعن قضايا تتحدد بمقدرة العقل البشري على التمييز في حدود التناقض باستثناء قضايا كليه معدوده مازالت مطروحه امام الفكر البشري ولم يحظى الجواب عليها بصفة اليقين .ففي الجزئيات ( الانسان مثلا) تكون الانظمه كلها مفتوحه اي انها تؤثر وتتاثر بغيرها عن طريق العلاقات الرابطه لها في الوسط وهذه الانظمه على نوعين - فاما ان تكون متزنه كما هو الحال في الحياه او غير متزنه كما هو الحال في النظام المفتوح عند لحظة التغير ( مثال ذلك الحياه عند الوفاه او السحاب عندما يبدا هطول المطر وما شابه ذلك)اي ان هذه الانظمه واثناء وجودها تتلقى مؤثرات خارجيه تحاول ان تغير من مضمون نظامهاوعند محاولة تطبيق مثل هذا الوصف للنظام المفتوح على الوجود تكون مضطرا لالغاء الوجود بكيفيته الموضوعيه لانك تفترض وجود المؤثر الخارجي المعلق في الفراغ وحتى مع عدم وجود منطقيه في كينونة المؤثر الخارجي , فان التاثير في النظام المفتوح يدل على علاقه توسطيه بين المؤثر والمتاثر كما هو الحال في الانظمه ذات الوجود الجزئي - مثل الانسان-فهل يقوم التفكير الديني دائما بعملية التشابه بين الانا الجزئيه والذات المثاليه الكليه هل وكاننا نبحث عن اسقاطية تشابه المثلثات كما في الهندسه الاقليديه ؟لا اعتقد باننا يمكن ان نطرح تجريد مادي اعلى مرتبه من الوجود - اي ان النظام عند هذا التجريد المادي لا بد له من ان يكون نظاما مغلقا- ولوكان غير ذلك لاصبح وجوده جزء من وجود اخر .....!اما اذا اردنا ان نطبق النظام المفتوح على الوجود الحقيقي الموضوعي وفي نفس الوقت على الوجودالحقيقي الذاتي للمثل (الاله) فسوف نناقض انفسنا مرة اخرى بافتراض العلاقه مع اخر غيرهما.الانفجار الكبيريذهب اصحاب التفكير الديني الى القول بان الكون حادث انطلاقا من نظرية الانفجار الكبير ومعنى (حادث) ليس الا تعبيرا مشوها للتغير في النظام ثم يقفزون الى استنتاج منطقي حول الحدوث اي( التغير) وينسبوه الى مصدر خارجي !ونحن نعرف تماما انه في المستوى الكلي للتجريد فان الحركه مصاحبه للكينونه اي ان التغير هو الاصل وليس السكون النسبي الذي يمكن تصوره في العقل في حالة عزل الجزئي عن روابطه التخارجيه وتناسي ترابطه الداخليوهناك الكثير من الامثله المنظوره في هذا المجالفالنجوم مثلا تكون محتوياتها في تغير دائم نتيجة التفاعلات المستمره الامر الذي يؤدي بالنجم الى الانفجار ك سوبر نوفا ( عملاق احمر) او الانكماش الى نجم نيتروني قابل للتحول الى ثقب اسودفهل هناك مؤثر خارجي يسبب انفجار النجم او انكماشه ؟اما عن الكون فان حالة ( السنغولارنست) لم تكن الا نوع من النظام المتجانس فكيف نستطيع ان نعمم مفهوم النتروبي عليه ككليه تجريديه اي كوجود موضوعي حقيقي ؟الانتروبي هي وصف لحالة نظام يسير نحوالتحلل تدريجيا ( او دفعه واحده في لحظات الانقلاب) ليصل الى حالة التجانسفهل كان هناك نظام ( اي تمايز كبير في حالة ال سنغولارنست للكون) ؟لا لم يكن كذلك فبعد النفجار الكبير وهذا ما نستطيع ان نتعرف عليه بواسطة العلم , لم يكن هناك الا الطاقه ,,,, اي ان الانتروبي لم تزدد بالمقياس الكوني الا اذا اعتبرنا الكون واحد من مجموعة اكوان شذ فيها كوننا عن الحاله السائدة لما قبل الانفجار الكبير وهو بذلك يكون نظاما مفتوحا في وجود ذو نظام مغلق هو الوجود وعليه يكون الانفجار هو تفاعل ناتج عن الحركه في نظام مفتوح يكون جزء من نظام مغلق هو الوجود ولا مكان للمؤثر الخارجي الا في الذات المفكره التي اخترعتهوحتى النظر الى الكون الحالي كنتيجه للانفجار الكبير فلن يكون الا كحصيله لتفاعل الكينونه الوجوديه الجزئيه للنظام المفتوح مع الخواء . والنتيجه تحول نظامين مفتوحين الى ثلاثه (3) احدهما كوننا الحالي كحاله انتقاليه - اي ان الانتروبي في النظام الكلي ليس لها من تحقق بسبب الزياده في التعقيد --- الانتقال الى 3 انظمه بدل 2 يرتكز الفكر الديني على مقولة ان الكون نظام مغلق تغير ويتغير بواسطة مؤثر خارجي هو الله ! اليس ذلك دليلا على الاغراق في الذاتيه التي تميز الفكر الديني باسقاط ال ( انا ) الذاتيه على مفهوم الاله الاستنباطي !لماذا يفترض الفكر الديني ان حالة الكون في ال (آن) الحاضره هو الحاله المثلى الافتراضيه "؟ الايدل ذلك على سيطرة الشعور الذاتي على كل مقياس موضوعي ؟وهذا الفكر ينطلق في استنباطه العقلي في الحكم على الكون من وجود شروط طبيعيه على الارض في لحظه حاضره واعتبارهذه الشروط هي المثلى. وان القياس يجب ان ينسب اليها - اليس ذلك ذاتيه محضه؟هل تزايد الانتروبي في الوجود هو مقياس ذاتي ام موضوعي ؟لنفرض اننا بدانا بلحظه بعد مرور عدة ثواني على الانفجار الكبير هل حالة الكون عندئذ كانت ذات انتروبي اقل ام اكثر؟عندها لم يكن الانسان موجودا كنظام , بل كنظام ذو تركيبه اعلى عاقله , ومع ذلك فالفكر الديني يقول بان الانتروبي الان تزيد كثيرا عن تلك الحاله وفي نفس الوقتت يحتج بالغائيه على وجود الذات العليا المؤثره في الكون التي ركبت زيادة في الترتيب !الا تريدوا معي ان تروا مقدار الذاتيه في الموضوع !لقد كان الكون في تلك الحاله في بدايه عهده بتشكل الماده - ليس بمعناها الفلسفي وانما بوصفها الفيزيائي وعندها لم تكن الا بدايه لتحول الطاقه الى اولى الجزئيات الاوليه بعد زياده اطوال الموجات ونقصان الامبلتودا الخاصه بها - اي باختصار حدث ويحدث تحول بالشكل للكينونات الوجوديهوفي فتره لاحقه استطعنا ان ندرك ان التحول في اشكال الماده ( بالمفهوم الفلسفي) قد ادى الى انبثاق كينونات وانظمه هي نفسها متغيره بفعل الحركهففي كل يوم نشهد ولادات للنجوم واضمحلال لها بعد عمر معين حيث يموت النجم اما بالانفجار كعملاق احمر او بالانكماش الى نجم نيتروني قابل للتحول الى قزم ابيض وفي النهايه يمكن الى ثقب اسودومع ذلك فان العمليه التركيبيه التي تتمثل في زيادة التعقيد تخترق الحاجز الذي يمكن ان يقف امام الحركه في هذا الكون - الوجودلاحظ معي ان تعقد المادة الفيزيائي ادى الى تشكل العناصر الكيميائيه التي اخذ تركيبها التعقيدي بالتثاقل مما ادى بالحركه الى القيام باختراق تركيبي اكثر تعقيدا وذلك بالتحول الى التركيب الجزيئيوفي مراحل لاحقه الى انبثاق الحياه ! فعندما اصبح الاستمرار في زيادة التعقيد على المستوى النووي متعذرا - انبثق التركيب الجزيئي والتركيب الجزيئي كان البدايه لما وصلت اليه الماده الفيزيائيه من تعقد وصل الى مستوى الفكر في الانسان العاقلولكن ذلك ليس نهاية المطاف فلا بد للحركه من التحول الى انبثاق في النظام اكثر تعقيدا عندما يصبح الزيادة في تعقيد التركيب في الحياة المفكره امرا متعذرا متى سيحدث ذلك؟لا استطيع ان احدد الزمن ولكن القانون الحركي سوف يفعل فعله في المستقبل - وقد يكون قريبا - عدة مليونات من السنين ان لم يكن اقل !لذلك فمن وجهة نظر ذاتيه قد نتفق على مقياس الانتروبي لانها مرتبطه بالانسان والنظام الجزئي - اما بشكل موضوعي بعيدا عن ذاتيتنا فلا نستطيع القول الا بان النظام العاقل المستقبلي هو تركيبه اكثر تعقيدا منا واعلى مرتبه من تجريداتنا وهو كذلك انتروبي اكثر من حاتنا الحاضره بوصفنا سوف نتراجع اذا لم ننتهي كنظام بيولوجي عاقل بمستوانا الحاليبعد هذا الموجز - هل تستطيع ان نقول عن اي حاله بانها تفضيليه من وجهة نظر موضوعيهانا لا استطيع ان اؤكد ذلك الا من وحهة نظر ذاتيه محضهفهل الحركه التي ينتج عنها تغير الانظمه هي من الداخل ام من الخارج بالنسبه لهذا الوجود - ولا اقول الكون , لان هناك امكانيه معتبره بوجود اكوان متنوعه !بهذا الوصف ارى ان الوجود نظام مغلق في الوقت الذي يمكن للكون فيه ان يكون نظام مفتوح وهذا ليس تلاعبا بالالفاظ بقدر ما هو استنتاج اولي حول وجود اكوان متعددهمع تحياتي

ليست هناك تعليقات: