29‏/3‏/2008

هل الوجود حادث ام ازلي

ينطلق الفكر الديني من مسلمه اساسيه تقول بان العالم حادث ويتابع استنباطه التحليلي ليقول بان لكل حادث محدث ( ارتكازا على مبدا السببيه ) وعليه يكون العالم برأي - الحدس الديني -محتاج الى مسبب يطلق عليه مفهوم الاله (الله)ثم يتابع الفكر الديني استنباطه العقلي بالقياس على الذات المفكره الانسانيه ليقول بان الاله عله عاقله لها هدف محدد يمكن استجلاءه بملاحظه الترتيب او التنظيم في العالم - وهو اختصارا ما يمكن ان نطلق عليه مبدا الغائيهكيف يتوصل مثل هذا العقل الديني لهذه النتيجه ؟ نحن نعلم ان الوعي الانساني يقترن بتمييز الذات عن الموضوع فقبل هذا التمايز لا يوجد وعي لانه لا يوجد تفكير اصلا وكل ما هنالك ليس الا انعكاسات شرطيه غريزيه تنبع من الطبيعه الحيويه للكائن الحي غير المفكروعندما يبدا التمايز بين الذات والموضوع تبدا الانعكاسات الصوريه بالتوارد الى الذهن حيث يصبح الاخر تعبيرا عن كينونه خارجيه لها مفهوم في الوعي كصوره لهذا الاخر - والصوره هذه بطبيعتها متحركه تسعى الى الكمال والكليه لانها تعكس اخر متغير لا متحدد . يحاول التفكير من بناء مفهوم متكامل له عن طريق الاستنباط العقلي بواسطة التحليل والتركيبغير ان التحليل يقوم بتفصيل المكونات المنعكسه الى اجزاء قد يخطيء عند تركيبها مره اخرى بقصد التجريد للوصول الى تعميمات وتجريدات فكريه تساعد هذا العقل للقيام بعملية الاستقراء , التي تكون نوعا من التنبؤ لزيادة المعرفه وتوسيع دائرة الوعي لتشمل افاق لا تستطيع التجربه من اختبارهاومن المهم ان هذه العمليه تحتوي على مفاصل غايه في الاهميه وتحتاج الى تقييم مستمر من العقل نفسه على ضوء القواعد المنطقيه المتحصله لان النتائج التي يمكن ان تتمخض عنها تكون في غاية الاهميه لما يترتب عليها من نتائج مصيريه لهذا العقل الذي يعتمدهاوالان هل كل الاستنباطات العقليه يمكن ان يكون لها كينونه وجوديه موضوعيه وفعليه ؟للاجابه على هذاالاستفسار وتقصي الصدق في الاستنتاج , لا بد لنا من مناقشة بعض المفاهيم الاساسيه ولنبدا بكلمة حادث لنري انها شكل مشوه مقصود للتغير الذي يصاحب الصيروره . فعند الرجوع الى اعم الكليات المنطقيه تجريدا نجد ان الوجود وليس العالم او الكون هو المفهوم المنطقي الذي يكتسب اعلى مرتبه من التجريد الموضوعي , الحقيقي , والفعلي او المتحقق . والماده (بتعريفها الفلسفي ) هي جوهر الوجود اما الحركه فهي الخاصيه الملازمه لها وحتى لا يتبادر الى ذهن البعض اي خلط حول مفهوم الماده , ارى لزاما على توضيح تعريف الماده بمفهومها الفلسفي بانها كلية تجريديه لها وجود موضوعي يمكن ان ينعكس الى الذات العارفه - ومن امثلتها الماده الفيزيائيه والطاقه والمجالات والعلاقات الترابطيه بين مكوناتها .....الخوالان .. هل كلمة حادث يمكن ان تنطبق على كلية الوجود ام انها صفه للتغير الذي يطرا على الماده بواسطة الحركه الذاتيه !ما اراه هو ان التفكير الديني ( ومنه الاسلام طبعا) يقوم بملاحظة التغير في اجزاء الوجود نتيجة التفاعل المستمرلمكوناته الجزئيه ثم يقوم بمغالطه منطقيه واضحه عن طريق اعادة صياغه لفظيه لمفهوم التغير الناتج عن الحركه ليعطيه وصف الحدوث . ثم يحلق بعيدا في ذاته لينقل المفهوم من دائرة الجزئي المعتاد للملاحظ البسيط الى دائرة الكلي المتعقل بواسطة التجريد وتغيير الالفاظ لا يقتصر على المغالطه الفكريه هذه وانما يتضمن مسكوت عنه - محدث بكسر الدال . وعندما يريد ان يعرفه يقول بانه واجب الوجودنعم يفطن مثل هذا الفكرالديني وينتبه الى تناقض استنتاجه - بواجب الوجود - اي ان هذا الواجد او المحدث على حد تعبير الدين غير موجود بالفعل وليس متحقق وانما واجب اي ممكن !ولكن ما هي الطريقه او الاسلوب الذي يجعل هذا الفكر ينزلق الى مثل هذه النتيجه ؟في مطالعات لي مختلفه لبعض المقالات لاصحاب الفكر الديني وجدت ان المبرر الاولي يتلخص في استخدام مبدا السببيه !اما المبرر الثاني فهم اللجوء الى ما يسمى بالغائيه ولنحاول ان نلقي الضوء على هذين المبدأين في الحياه العاديه كثيرا ما يلاحظ المرء تغير الكينونات وانتقالها من حال الى حال . وهذا التغير يكون ناتجا عن علاقة ترابطيه بين مكونات جزئيه تؤثر في بعضها البعضوحتى نصف التغير يقوم الفكر باحتواء العلاقات بين الشيء والاخر وتاثيرها المتبادل ليستنتج ان كينونه حاليه ناشئه عن اخرى سابقه وسوف تتبعها كينونه ممكنه , والتغير هذا نحيله الى مبدا عقلي صحيح هو السببيه كما يمكن وصف الامكانيه غير المتحققه بانها غايه سوف تؤول اليها الكينونه الحاليهوعندها نلاحظ اهميه التخارج بين الكينونات الجزئيه حتى نستطيع تطبيق السببيه عليها والفكر الديني يقوم بتطبيق هذا المبدا ( السببيه) الذي ينطبق على الجزء على كلية الوجود - ليتضمن ذلك بشكل مسكوت عنه علاقة التاثير المتبادله بين الاجزاء وكانه دون ان يصرح بذلك - يريد القول بان الوجود جزء والاله ( الله) هو الجزء الاخر وهناك علاقه تاثير متبادله على الاقل من طرف واحد تجاه الوجود - بل يلجا بشكل سافر في بعض الاحيان الى القول بان العدم - هو كلية منطقيه منعكسه عن وجود موضوعي متحقق بجانب الوجودوالدليل على ذلك انه يلجا الى صياغه لفظيه منتقاه في بعض الاحيان مثل .......( كيف اوجد الكون ذاته من عدم ؟ )الا تلاحظوا معي بان السؤال يحتوي على المغالطات التاليه- افتراض الحدث والسؤال عن الكيفيه- يتكلم عن الكون وهو وجود فيزيائي ويستبدله بكلية الوجود المنطقيه ثم يستعمل فعل (اوجد)- ثم يقرر ان هناك عدم ليس بالمفهوم المنطقي ولكن ككيان فيزيائي نتيجة مصاحبته لمفهوم الكونهذه بعض من المغالطات الفكريه التي يقوم الفكر الديني باستنباطها كما يقوم الانسان باستنباط حورية الماء او الجان او الملائكه اوغيرها من الكينونات العقليه التي تحتاج الى تقييم ليس هذا فحسب بل ان مثل هذا التفكير يبتعد شططا ليقول ان التراكيب الفكريه التي تبدو في الحلم ليست الا صور حقيقيه واقعيه فعليه وهي جزء من علاقة الفرد بالكلي المطلق الازلي او اللههل نستطيع ان نستحضر بعض الامثله على التغير بما لا يفيد التخارج حتى في الجزئي .؟نعم .... فعند البحث في العناصر النشطه اشعاعيا , نجد ان هذه العناصر تقوم باطلاق اشعة الفا او بيتا او جاما بعضها او كلها حسب العنصر المنظور فهل هناك مؤثر خارجي على تلك العناصر للقيام بهذا النشاط ام ان ذلك من طبيعتها ؟واذا ما نظرنا الى النجوم فسوف نلاحظ التغير الذاتي الذي يؤدي الى تحول النجم الى قزم ابيض او انفجاره كعملاق احمرفاذا كان هذا التغير- وامثلته كثيره - يحدث في الجزئي فكيف لنا ان ننقلب على كلية الوجود ونفترض سبب التغير الداخلي في مكوناتها وجود فاعل متخارج عليها , وله صفة الوعي . بل له اسبقيه منطقيه قد تكون فعليه عند البعض !وعودة الى الغائيه المتوضعه مع السببيه في كينونه متوحده حيث نجد ان الغايه هي سبب جاذب متقدم على الحدث في الوقت الذي يكون فيه السبب طارد وسابق على الحدث اي ان السبب والغايه ليسا الا تعبير عن مفهوم واحد اطلق عليه مفهوم العليه وهو مرتبط بالامور الجزئيه التي تقع ضمن كلية الزمان المنطقيه , وهذا يعني ان الاله في المفهوم الديني هو السبب والغايه لهذا الوجود اي بمعنى انه سابق كسبب ولاحق كغايه فهل هذا ممكن ؟اما القيام بسحب مفهوم العليه على الوجود فلن يكون الا واحد من اثنين1- اما ان يصبح الوجود مقزما ليدخل في دائرة الزمان2- او ان يتضخم مفهوم الزمان ليحتوي الوجود في داخلهولكن الادهى والامر من ذلك هو تخارج كلية الكليات المنطقيه او الاله( الله) وتبادله التاثير مع الوجود ولو باتجاه واحد اما عن التنظيم والترتيب فاستطيع ان اقول بان الماده تتفاعل بين مكوناتها بفعل الحركه الملازمه لها ونتيجة التفاعل يؤدي الى زيادة في التنوع تكون نتيجته انحلال في كينونه وزيادة في التعقيد في كينونه اخرى لكن التجانس لن يحدث بالمقياس الوجودي لان ذلك يعني احاطة الماده الفيزيائيه بالوجود وهذا غير ممكن منطقيا بان يحتوي الجزء على الكل بمقياس حجمي

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

مدونة رائعة عزيزي تخنين..مواضيع غاية في الاهمية .اشكرك على مجهوداتك.